هدوء السيارات الكهربائية ميزة خطيرة

يعرف كل من يسكن بالقرب من الشوارع المزدحمة ضجيج أصوات السيارات وهدير محركاتها التي تفسد نوم المرء باستمرار، إلا أن هذه الحالة ستتغير قريبًا بزيادة عدد السيارات الكهربائية التي تمتاز بهدوئها الشديد، إلى درجة أن البعض يرى أن هذه الميزة خطيرة، إذ أصدر الاتحاد الأوروبي قرارًا يلزم فيه السيارات الكهربائية بإصدار صوت أو ضوضاء أثناء مسيرها بحلول شهر يوليو/ تموز من العام 2019، وذلك حتى في حال القيادة بسرعات بطيئة.

سبب هذا القرار هو حركة السيارات الكهربائية الصامتة التي يجد المشاة وراكبو الدراجات صعوبة في سماعها، ما يؤدي إلى ازدياد عدد الحوادث التي تسببها. إذ أدى حادث سببته سيارة كهربائية -وفقًا لتقرير صحيفة الجارديان- إلى مقتل رجل ياباني وكلبه المرافق له.

يسلط هذا الحادث الضوء على قضية أكبر، إذ يعتمد ضعاف البصر على صوت السيارات أثناء السير في الطرقات، فالأرقام تشير -وفقًا لدراسة حديثة لمنظمة رعاية الكلاب المرافقة للمكفوفين- إلى أن احتمال تعرضهم لحادث عن طريق سيارة هجينة أو كهربائية أكبر بنسبة 40 من احتمال تعرضهم إلى حادث عن طريق سيارة عادية، ويحتاج المرء -وفقًا لدراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا- إلى أن يكون أقرب إلى السيارات الكهربائية بنسبة 74% -مقارنة بالسيارات العادية- حتى يستطيع سماع محركها، وهذا يعني بضع ثواني قد تشكل الفرق بين الحياة والموت.

بدأ مصنعو السيارات بتصميم أجهزة ستضاف إلى الأجيال القادمة من السيارات الكهربائية لتحذير المشاة، لكن المشكلة أن كل شركة تصمم جهازًا له صوت معين دون الاتفاق على صوت موحد، ما يجعل من الصعب تمييز صوت السيارات الكهربائية.

لا يعترض أحد على ضرورة إصدار السيارات الكهربائية لصوت عند حركتها بسرعات منخفضة، إذ دعت إدارة السلامة المرورية الأمريكية في عهد أوباما صانعي السيارات إلى إنتاج سيارات هجينة وكهربائية تصدر أصواتًا عند حركتها بسرعة أقل من 30 كيلومتر في الساعة، إلا أن إدارة السلامة المرورية تراجعت عنه تحت ضغط شركات صناعة السيارات.

يزداد انتشار السيارات الكهربائية بعد استثمار شركات صناعة السيارات العالمية 90 مليار دولار في هذا القطاع، وهذا يعني وجود عدد كبير من الطرازات الجديدة التي يمتاز كل منها بصوت معين،  فهل نتوقع أن يستطيع ضعاف البصر التمييز بين جميع هذه الأصوات؟

يمكن حل هذه المشكلة بسهولة عن طريق الاتفاق على صوت موحد لكل السيارات الكهربائية، فصوت سيارة تويوتا بريوس الهجينة مثلًا مختلف تمامًا عن صوت السيارة الذكية، إذ تريد كل شركة إعطاء سياراتها صوتًا مميزًا، بالإضافة إلى أن بعض الشركات -كتسلا مثلًا- لم توفر لسياراتها هذه الميزة حتى الآن.

يمكن إيجاد الكثير من الحلول لهذه المشكلة والتي تضمن سلامة الجميع، خصوصًا لضعاف البصر، لكن ذلك لن يحدث دون إلزام حكومي للشركات المصنعة، وحتى ذلك الوقت علينا أن نرفع أصواتنا ونحث على سن القوانين اللازمة لإلزام هذه الشركات بإضافة أصوات للسيارات الكهربائية، وقد تبدو المشكلة الآن صغيرة، إلا أنها ستكبر بسرعة مع ازدياد أعداد السيارات الكهربائية في الطرقات وتسببها بالمزيد من الحوادث.

نقلاً عن مرصد المستقبل